كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ ذكر الرجال في هذه الأخبار لا مفهوم له فالنساء مثلهم فيما يمكن فيه ذلك فالمرأة التي دعاها ملك جميل ليزني بها مثلاً فامتنعت خوفاً من اللّه مع حاجتها وشاب جميل دعاه ملك إلى تزوج ابنته فامتنع خوفاً أن يرتكب منه الفاحشة كذلك وأحكام الشرع عامة لجميع المكلفين وحاكمة على الواحد حكمه على الجماعة إلا ما خرج بدليل‏.‏

- ‏(‏البيهقي في‏)‏ كتاب ‏(‏الأسماء‏)‏ والصفات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

4648 - ‏(‏سبعة لعنتهم وكل نبي مجاب‏)‏ أي من شأن كل نبي كونه مجاب الدعوة وفي رواية سبعة لعنتهم لعنهم اللّه وكل نبي مجاب ‏(‏الزائد في كتاب اللّه‏)‏ أي من يدخل فيه ما ليس منه أو يتأوله بما ينبو عنه لفظه ويخالف الحكم كما فعله اليهود بالتوراة من التبديل والتحريف والزيادة في كتاب اللّه كفر وتأويله بما يخالف الكتاب والسنة بدعة ‏(‏والمكذب بقدر اللّه‏)‏ لقوله إن العباد يفعلون بقدرهم ‏(‏والمستحل حرمة‏)‏ وفي رواية حرم ‏(‏اللّه‏)‏ أي من فعل في حرم مكة ما لا يجوز من تعرض لصيده أو شجره ‏(‏والمستحل من عترتي ما حرم اللّه‏)‏ أي من فعل بأقاربي ما لا يجوز من إيذاء وترك تعظيم وتخصيص ذكر الحرم والعترة لشرفهما وأن أحدهما منسوب إلى اللّه والآخر إلى رسوله وعليه فمن ابتدائية متعلقة بالفعل ويجوز كونها بيانية وأن يراد بالمستحل من يستحل من أقاربه شيئاً محرماً ‏(‏والتارك لسنتي‏)‏ استخفافاً بها وقلة مبالاة ‏[‏ص 92‏]‏ أو بترك العمل بها والجري على منهاجها ‏(‏والمستأثر بالفيء‏)‏ أي المختص به من إمام أو أمير فلم يصرفه لمستحقه والفيء ما أخذ من الكفار بلا قتال ولا إيجاف خيل ‏(‏والمتجبر بسلطانه‏)‏ أي بقوته وقهره ‏(‏ليعز من أذل اللّه ويذل من أعز اللّه‏)‏ لأن ذلك غاية الجور والتجبر وهو مضاد للعدل المأمور به في قوله تعالى ‏{‏إن اللّه يأمر بالعدل والإحسان‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من طريقين وتبعه الديلمي وقال‏:‏ صحيح ‏(‏عن عمرو بن شغوي‏)‏ بشين معجمة وبغين معجمة بضبط المصنف اليافعي قال الذهبي‏:‏ يقال له صحبة شهد فتح مصر ومن ثم رمز المصنف لحسنه‏.‏

4649 - ‏(‏سبعون ألفاً من أمتي‏)‏ يعني سبعون ألف زمرة بقرينة تعقبه في خبر مسلم بقوله زمرة واحدة منهم على صورة القمر ‏(‏يدخلون الجنة بغير حساب‏)‏ ولا عذاب بدليل رواية ولا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً ‏(‏هم الذين لا يكتوون ولا يكوون ولا يسترقون‏)‏ ليس في البخاري ولا يسترقون قال ابن تيمية‏:‏ وهو الصواب وإنما هي لفظة وقعت مقحمة في هذا الحديث وهي غلط من بعض الرواة فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم جعل الوصف الذي استحق به هؤلاء دخولها بغير حساب تحقيق التوحيد وتجريده فلا يسألون غيرهم أن يرقبهم ‏(‏ولا يتطيرون‏)‏ لأن الطيرة نوع من الشرك ‏(‏وعلى ربهم يتوكلون‏)‏ قدم الظرف ليفيد الاختصاص أي عليه لا على غيره وهذه درجة الخواص المعرضين عن الأسباب بالكلية الواقفين مع المسبب ولا ينظرون سواه فكمل تفويضهم وتوكلهم من كل وجه ولم يكن لهم اختيار لأنفسهم ليفعلوا شيئاً منها قال المظهر‏:‏ يحتمل أن يراد بقوله سبعون العدد وأن يراد الكثرة ورجح باختلاف الأخبار في المقدار فروى مئة ألف وروى مع كل واحد من السبعين ألفاً سبعون ألفاً وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أنس‏)‏ قال العلائي‏:‏ حديث غريب من حديث أنس صحيح من حديث غيره وقال تلميذه الهيثمي‏:‏ رواه البزار وفيه مبارك أبو سحيم وهو متروك وقال غيره‏:‏ المبارك واه جداً‏.‏

4650 - ‏(‏سبق درهم مئة ألف درهم‏)‏ قالوا‏:‏ يا رسول اللّه كيف يسبق درهم مئة ألف قال‏:‏ ‏(‏رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به ورجل له مال كثير فأخذ من عرضه مئة ألف فتصدق بها‏)‏ قال اليافعي‏:‏ فإذا أخرج رجل من ماله مئة ألف وتصدق بها وأخرج آخر درهماً واحداً من درهمين لا يملك غيرهما طيبة بها نفسه صار صاحب الدرهم الواحد أفضل من صاحب مئة ألف درهم اهـ وقال في المطامح‏:‏ فيه دليل على أن الصدقة من القليل أنفع وأفضل منها من الكثير ‏{‏ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏}‏ والدرجات تتباين بحسب تباين المقاصد والأحوال والأعمال‏.‏

- ‏(‏ن عن أبي ذر ن حب ك‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم‏.‏

4651 - ‏(‏سبق المفردون‏)‏ أي المنفردون المعتزلون عن الناس من فرد إذا اعتزل وتخلى للعبادة فكأنه أفرد نفسه بالتبتل إلى اللّه أي سبقوا بنيل الزلفى والعروج إلى الدرجات العلى، روي بتشديد الراء وتخفيفها قال النووي في الأذكار‏:‏ والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد قالوا‏:‏ وما المفردون يا رسول اللّه قال‏:‏ هم ‏(‏المستهترون‏)‏ وفي رواية المشمرون ‏(‏في ذكر اللّه‏)‏ وعلى الأولى فالمراد الذين أولعوا به يقال اهتر فلان بكذا واستهتر أي مولع به لا يتحدث ‏[‏ص 93‏]‏ بغيره ولا يفعل سواه، ذكره جمع، وقال الحكيم الترمذي‏:‏ المستهتر هو الذي نطق عن ربه لشبه كلامه كلام من لم يستعمله عقله لأن العقل يخرج الكلام على اللسان بتدبر وتؤدة وهذا المهتر إنما نطقه كالماء يجري على لسانه حتى يشبه الهذيان في بعض الأحيان عند العامة وهو في الباطن مع اللّه من أصفياء الناطقين وأطهرهم وأصدقهم، إلى هنا كلامه‏.‏ قال البيضاوي‏:‏ ولما قالوا وما المفردون ولم يقولوا من هم لأنهم أرادوا تفسير اللفظ وبيان ما هو المراد منه لا تعيين المتصفين به وتعريف أشخاصهم فعدل في الجواب عن بيان اللفظ إلى حقيقة ما يقتضيه توقيفاً للسائل بالبيان المعنوي على المعنى اللغوي إيجازاً فاكتفى فيه بالإشارة المعنوية إلى ما استبهم عليه من الكناية اللفظية ‏(‏يضع الذكر عنهم أثقالهم‏)‏ أي يذهب الذكر أوزارهم أي ذنوبهم التي أثقلتهم ‏(‏فيأتون يوم القيامة خفافاً‏)‏ فيسبقون بنيل الزلفى والعروج إلى الدرجات العلى لأنهم جعلوا أنفسهم أفراداً ممتازة بذكر اللّه عمن لم يذكر اللّه أو جعلوا ربهم فرداً بالذكر وترك ذكر ما سواه وهو حقيقة التفريد هنا وقال الحكيم‏:‏ المفرد هنا من أفرد قلبه للواحد في وحدانيته ولازم الباب حتى رفع له الحجاب وأوصله إلى قربه فكأنه بين يدي ربه فبه يفخر ويصول وبه يفرح ويمرح ويجول فسكنت منه الأهوال من النظر إلى الجلال والجمال فقدمه إلى الوسيلة العظمى والجزاء الأوفى فغرق قلبه في وحدانيته فصار منفرداً مشغولاً به عن جميع صفاته فهو أحد أعلامه في أرضه وواحده بين عبيده‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً مسلم بلفظ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال‏:‏ سيروا هذا جمدان سبق المفردون قالوا‏:‏ وما المفردون قال‏:‏ الذاكرون اللّه كثيراً والذاكرات ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني عن شيخه عبد اللّه بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف‏.‏

4652 - ‏(‏سبق المهاجرون‏)‏ من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لنصرة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‏(‏الناس‏)‏ أي المسلمين غير المهاجرين ‏(‏بأربعين خريفاً إلى الجنة يتنعمون فيها والناس محبوسون للحساب ثم تكون الزمرة الثانية مئة خريف‏)‏ اللّه أعلم بمراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن مسلمة بن مخلد‏)‏ بفتح الميم واللام الأنصاري الزرقي صحابي سكن مصر ووليها مرة قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد الرحمن بن مالك السبائي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

4653 - ‏(‏ست خصال من الخير‏:‏ جهاد أعداء اللّه بالسيف‏)‏ أي قتال الكفار بالسلاح وخص السيف لأنه أعمها استعمالاً ‏(‏والصوم في يوم الصيف‏)‏ يعني في الحر الشديد ‏(‏وحسن الصبر عند المصيبة‏)‏ حال الصدمة الأولى ‏(‏وترك المراء‏)‏ أي الخصام والجدال ‏(‏وأنت محق‏)‏ أي والحال أنك على الحق دون خصمك ‏(‏وتبكير الصلاة في يوم الغيم‏)‏ أي المبادرة بإيقاعها عقب الاجتهاد في دخول وقتها ‏(‏وحسن الوضوء في أيام الشتاء‏)‏ أي إسباغه في شدة البرد بالماء البارد وقال في الفردوس‏:‏ التبكير هنا التقديم في أول الوقت وإن لم يكن أول النهار‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث يحيى بن أبي طالب عن الحرث الواسطي عن يحيى بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام ‏(‏عن أبي مالك الأشعري‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بإعلاله فقال‏:‏ يحيى بن كثير السقاء ‏[‏ص 94‏]‏ ضعيف اهـ وأقول‏:‏ يحيى بن أبي طالب أورده الذهبي في الذيل وقال‏:‏ وثقه الدارقطني وقال‏:‏ موسى بن هارون أشهد أنه يكذب، يريد في كلامه لا حديثه والحرث الواسطي قال ابن عدي‏:‏ في حديثه اضطراب ويحيى قال الذهبي‏:‏ اتفقوا على تركه ومن ثمة قطع الحافظ العراقي بضعف سند الحديث‏.‏

4654 - ‏(‏ست خصال من السحت‏)‏ أي الحرام لأنه يسحت البركة أي يذهبها ‏(‏رشوة الإمام‏)‏ أي قبول الإمام الأعظم للرشوة ليحق باطلاً أو يبطل حقاً ‏(‏وهي أخبث من ذلك كله‏)‏ لأن بها فساد النظام والجور في الأحكام ‏(‏وثمن الكلب‏)‏ ولو معلماً يعني أن بيعه وأخذ ثمنه حرام لنجاسته أو للنهي عن اتخاذه والأمر بقتله ‏(‏ومهر البغي‏)‏ أي ما تأخذه الزانية للزنا بها سماه مهراً مجازاً ‏(‏وعسب الفحل‏)‏ أي أجرة ضرابه ‏(‏وكسب الحجام‏)‏ لأنه خبيث ودنيء فيكره الأكل منه تنزيهاً لا تحريماً وإلا لما أعطاه النبي صلى اللّه عليه وسلم أجرته ولا فرق بين عبد وحر على الأصح ‏(‏وحلوان الكاهن‏)‏ بضم الحاء المهملة مصدر حلوته إذا أعطيته أصله من الحلاوة وشبه بالحلو من حيث إنه يأخذه سهلاً بلا مشقة وهو ما يأخذه على التكهن فالكاهن من يزعم مطالعة الغيب ويخبر عن الكوائن‏.‏

- ‏(‏ابن مردويه‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه البزار والديلمي ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لابن مردويه مقتصراً عليه‏.‏

4655 - ‏(‏ست‏)‏ من الخصال ‏(‏من جاء بواحدة منهن جاء وله عهد‏)‏ عند اللّه تعالى بأن يدخله الجنة ‏(‏يوم القيامة تقول كل واحدة منهن قد كان يعمل بي الصلاة والزكاة والحج والصيام وأداء الأمانة وصلة الرحم‏)‏ أي القرابة بالإحسان إليهم والعطف عليهم وتحمل أذاهم وتطلب رضاهم والمراد أن خصلة الصلاة تقول يا رب قد كان يواظب عليّ وهكذا البواقي ولا مانع من أن تجسد هذه الخصال ويقدرها اللّه على النطق فتنطق كما تنطق جوارح الإنسان بالشهادة عليه واللّه على كل شيء قدير‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه يونس بن أبي خيثمة لم أر أحداً ذكره‏.‏

4656 - ‏(‏ست من الخصال من كن فيه كان مؤمناً حقاً إسباغ الوضوء‏)‏ أي إتمامه وإكماله في شدة البرد كما يوضحه زيادته في رواية على المكاره ‏(‏والمبادرة إلى الصلاة‏)‏ أي المسارعة إلى أدائها ‏(‏في يوم دجن‏)‏ كفلس‏:‏ المطر الكثير ‏(‏وكثرة الصوم في شدة الحر‏)‏ أي بقطر الحر ‏(‏وقتل الأعداء‏)‏ أي الكفار ‏(‏بالسيف‏)‏ خصه لأن أكثر وقوع القتل به والمراد قتلهم بأي شيء كان ‏(‏والصبر على المصيبة‏)‏ بأن لا يظهر الجزع ولا يفعل ما يغضب الرب بل يسلم ويرضى ‏(‏وترك المراء وإن كنت محقاً‏)‏ وخصمك مبطلاً‏.‏

- ‏(‏فر‏)‏ وكذا ابن نصر ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وفيه إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ متروك واه‏.‏

4657 - ‏(‏ست من أشراط الساعة‏)‏ أي علاماتها المؤذنة بقيامها ‏(‏موتي، وفتح بيت المقدس، وأن يعطى الرجل ألف دينار فيتسخطها‏)‏ لاستقلاله إياها واحتقارها وهذا كناية عن كثرة المال واتساع الحال ‏(‏وفتنة يدخل حرها‏)‏ أي مشقتها ‏[‏ص 95‏]‏ وجهدها من كثرة القتل والنهب ‏(‏بيت كل مسلم‏)‏ قيل‏:‏ وهي واقعة التتار إذ لم يقع في الإسلام بل ولا في غيره مثلها وقيل‏:‏ غيرها وهي لم تقع بعد ‏(‏وموت يأخذ في الناس كقعاص‏)‏ بضم القاف بعدها عين مهملة فألف فصاد مهملة ‏(‏الغنم‏)‏ هو داء يقعص منه الغنم فلا تلبث أن تموت ذكر ذلك الزمخشري وقال غيره‏:‏ داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوافها شيء فتموت فجأة ويقال إن هذه الآفة ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر فمات منها سبعون ألفاً في ثلاثة أيام وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس ‏(‏وأن يغدر الروم فيسيرون بثمانين بنداً تحت كل بند اثني عشر ألفاً‏)‏ وفي رواية بدل بند غابة أي بالباء الموحدة تحت كل غابة اثني عشر ألفاً وفي رواية غاية بمثناة تحتية والغاية الأجمة شبه بها كثرة السلاح والغاية الراية ذكره كله الزمخشري‏.‏

- ‏(‏حم طب عن معاذ‏)‏ بن جبل قال الهيثمي‏:‏ فيه النهاس بن فهم وهو ضعيف انتهى‏.‏ وظاهر صنيع المصنف أنه لا ذكر لهذا في الصحيحين ولا أحدهما وقد عزاه في الفردوس للبخاري ثم رأيته في البخاري في كتاب الجزية بما يقرب من هذا ولفظه اعدد ستاً بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مئة دينار فيظل ساخطاً ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثني عشر ألفاً انتهى بنصه‏.‏

4658 - ‏(‏ستة أشياء تحبط الأعمال‏:‏ الاشتغال بعيوب الناس‏)‏ عن عيوب النفس فيبصر عيب غيره ويتحدث به ولا يبصر عيب نفسه كما في قوله في الحديث الآتي يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه ‏(‏وقسوة القلب‏)‏ أي صلابته وشدته وإباؤه عن قبول المواعظ والزواجر ‏(‏وحب الدنيا‏)‏ فإنه رأس كل خطيئة ‏(‏وقلة الحياء‏)‏ من الحق والخلق ‏(‏وطول الأمل وظالم لا ينتهي‏)‏ عن ظلمه فعدم انتهائه عنه يكون سبباً لإحباط عمله‏.‏

- ‏(‏فر عن عدي بن حاتم‏)‏ الطائي أبي طريف صحابي مشهور وفيه محمد بن يوسف الكديمي الحافظ قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ وقال ابن معين‏:‏ اتهم بوضع الحديث وقال ابن حبان‏:‏ كان يضع على الثقات قال الذهبي‏:‏ قلت انكشف عندي حاله‏.‏

4659 - ‏(‏ستة مجالس المؤمن ضامن على اللّه ما كان في شيء منها‏)‏ لفظ رواية البزار فيما وقفت عليه من الأصول ست مجالس ما كان المرء في مجلس منها إلا كان ضامناً على اللّه ‏(‏في سبيل اللّه أو مسجد جماعة أو عند مريض أو في جنازة أو في بيته أو عند إمام مقسط يعزره ويوقره‏)‏ قال الحافظ الزين العراقي‏:‏ فيه فضيلة المبادرة إلى الخصال المذكورة وأنه إذا مات الإنسان على خصلة منها كان في ضمان اللّه بمعنى أنه ينجيه من أهوال القيامة ويدخله دار السلام‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ أبو بكر من رواية عبد اللّه بن يزيد ‏(‏عن‏)‏ عبد اللّه ‏(‏بن عمرو‏)‏ بن العاص قال الزين العراقي‏:‏ ورجاله ثقات ورواه عنه الطبراني أيضاً‏.‏

4660 - ‏(‏ستة لعنتهم لعنهم اللّه‏)‏ قال القاضي‏:‏ لم يعطفه على جملة قبله إما لأنه دعاء وما قبله خبر وإما لكونه عبارة عما قبله ‏[‏ص 96‏]‏ في المعنى بأن لعنة اللّه هي لعنة رسوله وبالعكس ‏(‏وكل نبي مجاب‏)‏ روي بالميم وبالياء على بناء المفعول وهي جملة ابتدائية عطف على ستة لعنتهم أو حال من فاعل لعنتهم ولا يصح عطف كل على فاعل لعنتهم ومجاب صفة لئلا يلزم كون بعض الأنبياء غير مجاب، ذكره القاضي ‏(‏الزائد في كتاب اللّه‏)‏ أي القرآن ‏(‏والمكذب بقدر اللّه والمتسلط بالجبروت‏)‏ أي المستولي أو الغالب أو الحاكم بالتكبر والعظمة والجبروت فعلوت وهو في حق الإنسان من يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها ‏(‏فيعزّ بذلك من أذلّ اللّه ويذلّ من أعزّ اللّه والمستحل لحرم اللّه‏)‏ بفتح الحاء والراء أي حرم مكة قال البيضاوي‏:‏ وضم الحاء على أنها جمع حرمة تصحيف يعني من فعل في حرم اللّه ما يحرم فعله كاصطياد ونحوه اهـ واستغربه الصدر المناوي وقال‏:‏ إن الضم أولى لكونه أعم قال‏:‏ إلا أن يكون الرواية كما قال ولم يثبت ‏(‏والمستحل من عترتي‏)‏ أي قرابتي ‏(‏ما حرم اللّه‏)‏ يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم فإن اعتقد حله فكافر وإلا فمذنب وخصهما باللعن لتأكد حق الحرم والعترة وعظم قدرهما بإضافتهما إلى اللّه وإلى رسوله ‏(‏والتارك لسنتي‏)‏ بأن أعرض عنها بالكلية أو ترك بعضها استخفافاً أو قلة احتفال بها، وأراد باللعنة هنا أحد قسميها وهو الإبعاد عن الخير والرحمة والإنسان ما دام في معصية بعيد عنهما ولو مسلماً قال التوربشتي‏:‏ وما ذكر في القدرية من هذا ونحوه يحمل على المكذب به إذا أتاه من البيان ما ينقطع العذر دونه أو على من تفضي به العصبية إلى تكذيب ما ورد من النصوص أو إلى تكفير من خالفه وأمثال هذه الأحاديث واردة على التغليظ والتشديد زجراً وردعاً‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن عائشة ك عن عليّ‏)‏ أمير المؤمنين وقال‏:‏ على شرط البخاري وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن إسحاق الغروي أحد رواته وإن كان شيخ البخاري لكنه يأتي بطامات وقال النسائي‏:‏ غير ثقة وأبو داود‏:‏ واه والدارقطني‏:‏ متروك وفيه أيضاً عبد اللّه بن موهب لم يحتج به أحد والحديث منكر بمرة، إلى هنا كلامه، لكنه في الكبائر خرجه من حديث عائشة ثم قال‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

4661 - ‏(‏ستخرج نار من حضرموت يوم القيامة تحشر الناس‏)‏ تمامه قالوا‏:‏ يا رسول فما تأمرنا قال‏:‏ عليكم بالشام‏.‏

- ‏(‏حم ت عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال‏:‏ غريب حسن صحيح ورمز المصنف لصحته‏.‏

4662 - ‏(‏ستر‏)‏ بكسر السين وتفتح‏:‏ حجاب ‏(‏ما بين أعين الجنّ وعورات بني آدم إذا دخل أحدهما الخلاء‏)‏ وفي رواية للترمذي الكنيف ‏(‏أن يقول بسم اللّه‏)‏ فإن اسمه تعالى كالطابع على ابن آدم فلا تستطيع الجن فك ذلك الطابع قالوا‏:‏ ويتأكد للنساء عند دخول الخلاء وفي كل خلاء فإن الجن يشركون الإنس فيهن فيتعين طردهم بالمحافظة على التسمية قال الطيبي‏:‏ قوله ستر مبتدأ وأن يقول خبره وما موصول مضاف إليها وصلته الظرف قال بعض شراح أبي داود‏:‏ هذا يدلّ على أن التسمية أول الذكر المسنون عند الدخول وهو‏:‏ اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وقد جاء زيادة التسمية أيضاً في خبر رواه سعيد بن منصور في سننه ولفظه كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل الخلاء يقول‏:‏ بسم اللّه اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وما ذكره عزاه النووي في الأذكار إلى الأصحاب فقال‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ يستحب أن يقول أولاً بسم اللّه ثم يقول اللهم إني أعوذ بك إلخ‏.‏

- ‏(‏حم ت ه عن عليّ‏)‏ أمير المؤمنين رمز المصنف لصحته وهو ‏[‏ص 97‏]‏ كما قال أو أعلى فإن مغلطاي مال إلى صحته فإنه لما نقل عن الترمذي أنه غير قوي قال‏:‏ ولا أدري ما يوجب ذلك لأن جميع من في سنده غير مطعون عليهم بوجه من الوجوه بل لو قال قائل إسناده صحيح لكان مصيباً ـ إلى هنا كلامه‏.‏

4663 - ‏(‏ستر‏)‏ بالكسر الحجاب وبالفتح مصدر سترت الشيء أستره إذا غطيته ‏(‏ما بين أعين الجن وبين عورات بني آدم‏)‏ يعني الشيء الذي يحصل به عدم قدرتهم على النظر إليها ‏(‏إذا وضع أحدهم ثوبه‏)‏ أي نزعه ‏(‏أن يقول بسم اللّه‏)‏ ظاهره أنه لا يزيد الرحمن الرحيم قال الحكيم‏:‏ وإنما يمتنع المؤمن من هذا العدوّ بإسبال هذا الستر فينبغي عدم الغفلة عنه فإن للجن اختلاطاً بالآدميين ومنهم من يتزوج منهم فالإنس يشركون الجن في نسائهم والجن يشركون الإنس في نسائهم فإذا أحب الآدمي أن يطرد الجن عن مشاركته فليقل بسم اللّه فإن اسم اللّه طابع على جميع ما رزق ابن آدم فلا يستطيع الجن فك الطابع‏.‏

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني بإسنادين أحدهما فيه سعيد بن سلمة الأموي ضعفه البخاري وغيره‏.‏ وثقه ابن حبان وبقية رجاله موثوقون اهـ‏.‏

4664 - ‏(‏سترة الإمام سترة من‏)‏ وفي رواية لمن ‏(‏خلفه‏)‏ ‏[‏ أي من المقتدين لأنه تابع فيكفيه سترة إمامه والمعتمد أن ذلك لا يكفي فيندب للمأموم اتخاذ سترة أيضاً‏.‏‏]‏ فعلى الرواية الأولى لو مر بين يدي الإمام أحد تضر صلاته وصلاتهم وعلى الثانية تضر صلاته ولا تضر صلاتهم وأخذ منه المالكية اختصاص النهي عن المرور بين يدي المصلي بما إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه لأن سترة الإمام سترة له اهـ ونوزع بأن السترة تفيد رفع الحرج عن المصلي لا عن المار‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ فيه سويد بن عبد العزيز ضعيف وقال بعد أوراق‏:‏ هذا حديث ضعيف وقال ابن حجر‏:‏ قال الطبراني تفرد به سويد عن عاصم وسويد ضعف عندهم‏.‏

4665 - ‏(‏ستشرب أمتي من بعدي الخمر‏)‏ هذه السين إما للتأكيد فإن ما هو متحقق قريب كما في قوله تعالى ‏{‏ولسوف يعطيك ربك فترضى‏}‏ أو بمعناها الحقيقي إشارة إلى أن شربها متراخ عن حياته والأول أولى ‏(‏يسمونها بغير اسمها‏)‏ أي ولا ينفعهم ذلك ولا يغني عنهم شيئاً ‏(‏يكون عونهم على شربها أمرؤهم‏)‏ يعني أنهم يشربون النبيذ المسكر المطبوخ ويسمونه طلاء تحرجاً من أن يسمونها خمراً وقيل‏:‏ معناه يتسترون بما أبيح من الأنبذة على رأي بعض العلماء فيتوصلون بذلك إلى استحلال ما حرم اللّه عليهم منها إجماعاً ونظيره تسمية الربا معاملة‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن كيسان‏)‏ هذا الاسم في الصحابة لجماعة فكان ينبغي تمييزه ‏[‏لعله كيسان بن عبد اللّه بن طارق الذي ذكر في الإصابة أنه كان يتجر في الخمر في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاء فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني قد جئت بشراب جيد فقال‏:‏ يا كيسان إنها قد حرمت بعدك قال‏:‏ أذهب فأبيعها‏؟‏ قال‏:‏ إنها حرّمت وحرّم ثمنها اهـ‏.‏‏]‏

4666 - ‏(‏ستفتح عليكم أرضون‏)‏ بفتح الراء جمع أرض وتسكينها شاذ ‏(‏ويكفيكم اللّه‏)‏ أي في أمر العدو بأن يدفع عنكم ‏[‏ص 98‏]‏ شرهم وتغلبوا عليهم وتغنموا، قال الأبي‏:‏ اكتفى بالسبب وكأنه قال إن اللّه سيفتح عليكم الروم قريباً وهم رماة وسيكفيكم اللّه شرهم بواسطة الرمي ‏(‏فلا يعجز‏)‏ بكسر الجيم أمر ‏(‏أحدكم أن يلهو بأسهمه‏)‏ أي يلعب بنباله ولا عليكم أن تهتموا بالرمي إذا حاربتم الروم وتكونوا متمكنين منهم وإنما أخرج مخرج اللهو إمالة للنفوس على تعلمه فإنها مجبولة على ميلها للهو‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني ولم يخرجه البخاري‏.‏

4667 - ‏(‏ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم‏)‏ أي تزينوها والتنجيد التزيين ‏(‏كما تنجد الكعبة فأنتم اليوم خير من يومئذ‏)‏ هذا إشارة إلى فضل مقام الورع وهو المرتبة الثالثة من مراتبه الأربعة المارة وهو ورع المتقين الذي هو ترك ما لا تحرمه الفتوى ولا شبهة في حله لكن يخاف أداؤه لمحرم أو مكروه‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي جحيفة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير عبد الجبار بن العباس الشامي وهو ثقة‏.‏

4668 - ‏(‏ستفتح مشارق الأرض ومغاربها على أمتي، ألا‏)‏ تنبيه للزيادة في التحذير ‏(‏وعمالها‏)‏ أي الأمراء ‏(‏في النار‏)‏ نار جهنم ‏(‏إلا من اتقى اللّه‏)‏ في عمالته أي خافه وراقبه ‏(‏وأدى الأمانة‏)‏ فيما جعله اللّه أميناً عليه وقليل ما هم ‏(‏حل عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره موصولاً لأحد وهو ذهول فقد وصله أحمد بلفظ ستفتح عليكم مشارق الأرض ومغاربها ألا وعمالها في النار إلا من اتقى اللّه عز وجل وأدى الأمانة اهـ وهو ضعيف‏.‏

4669 - ‏(‏ستفتحون منابت الشيح‏)‏ أشار به إلى أنه سيفتح اللّه لهم من البلاد الشاسعة والأقطار النائية ويقيض لهم من الغلبة على الأقاليم وإن بعدت مما يظهر به الدين وينشرح له صدور المؤمنين‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن معاوية‏)‏ ابن أبي سفيان قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن‏.‏

4670 - ‏(‏ستكون فتن‏)‏ بكسر ففتح وفي رواية فتنة بالإفراد والمراد الاختلاف الواقع بين أهل الإسلام بسبب افترائهم على الإمام ولا يكون المحق فيها معلوماً بخلاف زمان علي ومعاوية كذا في شرح البخاري للقسطلاني ‏(‏القاعد فيها‏)‏ أي القاعد في زمنها عنها ‏(‏خير من القائم‏[‏ قال بعضهم‏:‏ المراد بالقائم الذي لا يستشير فيها وقيل‏:‏ هو من باشرها غير قائم بأسبابها‏.‏‏]‏‏)‏ لأن القائم يرى ويسمع ما لا يراه ولا يسمعه القاعد فهو أقرب إلى الفتنة منه ‏(‏والقائم فيها‏)‏ يعني القائم بمكانه في تلك الحالة ‏(‏خير من الماشي‏)‏ في أسبابها ‏(‏والماشي فيها خير من الساعي‏)‏ إليها أي الذي يسعى ويعمل فيها

‏[‏ بحيث يكون سبباً لإثارتها‏.‏‏]‏ قال النووي‏:‏ القصد بيان عظم خطرها والحث على تجنبها والهرب منه والتسبب في شيء منها وأن شرها يكون على حسب التعلق بها ‏(‏من تشرف لها‏)‏ بفتح المثناة والمعجمة والتشديد تطلع إليها أي الفتنة ‏(‏تستشرفه‏)‏ أي تجره لنفسها وتدعوه إلى الوقوع فيها والتشرف التطلع واستعير هنا للإصابة بشرورها ‏(‏ومن وجد فيها ملجأ‏)‏ أي عاصماً أو موضعاً يلتجئ إليه ويعتزل إليه ‏(‏أو معاذاً‏)‏ بفتح الميم والذال المعجمة شك من الراوي أي محلاً يعتصم به ‏[‏ص 99‏]‏ منها ‏(‏فليعذ به‏)‏ وفي رواية لمسلم فليستعذ أي ليذهب إليه ليعتزل فيه ومن لم يجد فليتخذ سيفاً من خشب والمراد أن بعضهم أشد في ذلك من بعض فأعلاهم الساعي لإثارتها فالقائم بأسبابها وهو الماشي فالمباشر لها وهو القائم فمن يكون مع النظارة ولا يقاتل وهو القاعد فمن لم يفعل شيئاً لكنه راض وهو القائم وهذا تحذير من الفتنة وحث على تجنبها وأن شرها يكون بحسب التعلق بها والمراد بها الاختلاف في طلب الملك حيث لم يعلم المحق من المبطل‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الفتن ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه مسلم بنحوه عن أبي بكرة أيضاً‏.‏

4671 - ‏(‏ستكون أمراء‏)‏ جمع أمير ‏(‏فتعرفون وتنكرون‏)‏ صفتان لأمراء والعائد فيهما محذوف أي تعرفون بعض أحوالهم وأقوالهم لموافقتها للشرع وتنكرون بعضها لمخالفتها له فمعنى تعرفون ترضون لمقابلتها تنكرون ‏(‏فمن كره‏)‏ ذلك المنكر بلسانه بأن أمكنه تغييره بالقول فقد ‏(‏برئ‏)‏ من النفاق والمداهنة ‏(‏ومن أنكر‏)‏ بقلبه فقط ومنعه الضعف عن إظهار النكير فقد ‏(‏سلم‏)‏ من العقوبة على تركه النكير ظاهراً ‏(‏ولكن من رضي‏)‏ أي من رضي بالمنكر ‏(‏وتابع‏)‏ عليه في العمل فهو الذي لم يبرأ من المداهنة والنفاق ولم يسلم من العقوبة فهو الذي شاركهم في العصيان واندرج معهم تحت اسم الطغيان فحذف الخبر لدلالة الحال وسياق الكلام على أن حكم هذا القسم ضد ما اشتبه ذكره ومنه أخذ بعضهم قوله الواو بمعنى أو وحذف جزاء من لدلالة الحال وسياق الكلام وقال النووي‏:‏ معناه من كره بقلبه ولم يستطع إنكاراً بيده ولا لسانه فقد برئ من الإثم وأدى وظيفته ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية ومن رضى بفعلهم وتبعهم عليه فهو العاصي وفيه حرمة الخروج على الخلفاء بمجرد ظلم أو فسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الدين وتمام الحديث قالوا‏:‏ أفلا نقاتلهم‏؟‏ قال‏:‏ لا ما صلوا اهـ‏.‏ قال القاضي‏:‏ إنما منع عن مقاتلتهم ما داموا يقيمون الصلاة التي هي عماد الدين وعنوان الإسلام والفارق بين الكفر والإيمان حذراً من تهيج الفتن واختلاف الكلمة وغير ذلك مما هو أشد نكارة من احتمال نكرهم والمصابرة على ما ينكرون منهم ‏(‏م‏)‏ في المغازي ‏(‏د‏)‏ في الستة ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ زوج المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وخرجه الترمذي أيضاً في الفتن ولم يخرجه البخاري‏.‏

4672 - ‏(‏ستكون بعدي هنات وهنات‏)‏ شدائد وعظائم وأشياء قبيحة منكرة وخصلات سوء جمع هنة وهي كناية عما لا يراد التصريح به لشناعته ‏(‏فمن رأيتموه فارق الجماعة‏)‏ الصحابة ومن بعدهم من السلف ‏(‏أو يريد أن يفرّق أمّة محمد كائناً من كان‏)‏ أي سواء كان من أقاربي أو غيرهم قال الطيبي‏:‏ وهذا فيه معنى الشرط ‏(‏فاقتلوه‏)‏ في رواية فاضربوه بالسيف ‏(‏فإن يد اللّه مع الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض‏)‏ فإن اللّه تعالى جمع المؤمنين على معرفة واحدة وشريعة واحدة، ألا تراه يقول‏:‏ ‏{‏إنما المؤمنون أخوة‏}‏ فمن فارقهم خالف أمر الرحمن فلزم الشيطان قال أبو شامة‏:‏ حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق وإتباعه وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً أي الحق هو ما كان عليه الصحابة الأول من الصحب ولا نظر لكثرة أهل الباطل بعدهم قال البيهقي‏:‏ إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانوا عليه من قبل وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ‏.‏

- ‏(‏ن حب‏)‏ وكذا أحمد والبيهقي والحاكم والديلمي ‏(‏عن عرفجة‏)‏ بن شرحيل أو شراحيل أو شريك الأشجعي وقيل الكندي وقيل غير ذلك‏.‏

‏[‏ص 100‏]‏ 4673 - ‏(‏سيكون أمراء‏)‏ لا ينصرف لأن فيه ألف التأنيث الممدودة ‏(‏بشغلهم‏)‏ بفتح المثناة والغين ‏(‏أشياء‏)‏ بالرفع فاعل ‏(‏يؤخرون الصلاة عن وقتها‏)‏ المختار أو عن جميعه ويؤيده الحديث الثاني وهذا من أعلام النبوة وقد وقع ذلك من بني أمية ‏(‏فاجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً‏)‏ تفعل من الطاعة والمتطوع المتبرع قال القاضي‏:‏ أمرهم بذلك حذراً من هيج الفتن واختلاف الكلمة وقال ابن حجر‏:‏ يشبه أنه أشار إلى ما وقع في آخر خلافة عثمان من ولاية بعض أمراء الكوفة كالوليد بن عقبة حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها فكان بعض الورعين يصلي وحده سراً ثم يصلي معه خشية وقوع الفتنة وفيه علم من أعلام النبوة من الإخبار بالشيء قبل وقوعه وقد وقع أشد من ذلك في زمن الحجاج وغيره‏.‏

- ‏(‏ه عن عبادة بن الصامت‏)‏‏.‏

4674 - ‏(‏سيكون بعدي أئمة‏)‏ أي فسقة كما في رواية الديلمي ‏(‏يؤخرون الصلاة عن مواقيتها‏)‏ فإذا فعلوا ذلك ‏(‏صلوها لوقتها فإذا حضرتم معهم الصلاة فصلوا‏)‏ قال ابن تيمية‏:‏ هذا كالصريح في أنهم كانوا يفوتونها وهو الصحيح وفيه كما قبله صحة الصلاة خلف الفاسق لأمره بالصلاة خلف أولئك الأئمة وقال جمع منهم المهلب‏:‏ أراد تأخيرها عن وقتها المستحب لا إخراجها عن وقتها قال ابن حجر‏:‏ وهو مخالف للواقع فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد كانوا يؤخرونها عن وقتها‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد قال الهيثمي‏:‏ فيه سالم بن عبد اللّه الخياط ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما ووثقه أحمد‏.‏

4675 - ‏(‏سيكون عليكم أمراء من بعدي‏)‏ أي من بعد وفاتي ‏(‏يأمرونكم بما لا تعرفون‏)‏ من كتاب اللّه وسنة رسوله ‏(‏ويعملون بما تنكرون فليس أولئك عليكم بأئمة‏)‏ أي فلا يجب عليكم طاعتهم في معصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومن ثم قال الفرزدق‏:‏

ولا نلين لسلطان يكابدنا * حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

- ‏(‏طب عن عبادة بن الصامت‏)‏ رمز لحسنه وقال الهيثمي‏:‏ فيه الأعمش بن عبد الرحمن لم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

4676 - ‏(‏ستكون أئمة من بعدي يقولون فلا يرد عليهم قولهم يتقاحمون في النار‏)‏ أي يقعون فيها كما يقتحم الإنسان الأمر العظيم وتقحمه رمى نفسه بلا روية وتثبت ‏(‏كما تقاحم القردة‏)‏ قال بعضهم‏:‏ إذا اتصف القلب بالمكر والخديعة والفسق وانصبغ بذلك صبغة تامة صار صاحبه على خلق الحيوان الموصوف بذلك من القردة والخنازير وغيرهما ثم لا يزال يتزايد ذلك الوصف فيه حتى يبدو على صفحات وجهه بدواً خفياً ثم يقوى ويتزايد حتى يصير ظاهراً جلياً عند من له فراسة فيرى على صور الناس مسخاً من صور الحيوانات التي تخلقوا بأخلاقها باطناً فقل أن ترى محتالاً مكاراً مخادعاً إلا على وجهه مسخة قرد وأن ترى شرهاً نهماً إلا على وجهه مسخة كلب فالظاهر ‏[‏ص 101‏]‏ مرتبط بالباطن أتم ارتباط‏.‏ ‏[‏ولا تصح مثل تلك الفراسة إلا للمؤمن الكامل، أما المقصر فقد يلقي الشيطان إلى مخيلته، فيظن أنه يرى تلك ‏"‏الصور‏"‏ على وجوه الناس‏.‏ نسأل الله أن يحفظنا من العجب ومن سوء الظن بالمسلمين، آمين‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏ع طب‏)‏ وكذا الديلمي ‏(‏عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان الخليفة‏.‏

4677 - ‏(‏ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً إلا من أحياه اللّه بالعلم‏)‏ لأنه على بصيرة من أمره وبينة من ربه فيتجنب مواقع الفتن بما يعلم مما يستنبطه من الأحكام قاله الديلمي ويروى إلا من اجتباه اللّه بالعلم بدل أحياه‏.‏

- ‏(‏ه طب‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

4678 - ‏(‏ستكون فتنة‏)‏ كان تامة، أي ستحدث فتنة ‏(‏صماء بكماء عمياء‏[‏ بالمد في الثلاثة، قال ابن رسلان‏:‏ أراد أنها لا تسمع ولا تنطق ولا تبصر فهي ذهاب حواسها لا تدرك شيئاً ولا تقلع ولا ترتفع وقيل‏:‏ هي الحية الصماء التي لا تقبل لسعتها الرقى ولا يستطيع أحد أن يأمر فيها بمعروف أو ينهى عن منكر بل إن تكلم بحق رماه الناس وقالوا‏:‏ أما صلح أن يتكلم إلا أنت‏؟‏‏.‏‏]‏‏)‏ يعني بعمى الناس فيها فلا يرون منها مخرجاً ويصمون عن استماع الحق أو المراد فتنة لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق فهي لفقد الحواس لا تقلع ولا ترتفع ‏(‏من أشرف لها استشرفت له‏)‏ أي من اطلع ينظر إليها جرته لنفسها فالخلاص في التباعد منها والهلاك في مقاربتها ‏(‏وإشراف اللسان فيها‏)‏ هي إطالته بالكلام ‏(‏كوقوع السيف‏)‏ في المحاربة وفي رواية أشد من السيف‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وجه كونه أشد أن السيف إذا ضَرَبَ ضربة واحدة مضت، واللسان يضرب به في تلك الحالة الواحدة ألف لَسْنَةٍ، ثم هذا يحتمل أنه إخبار عما وقع من الحروب بين الصدر الأول ويحتمل أنه سيكون وكيفما كان فإنه من معجزاته لأنه إخبار عن غيب‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الفتن ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز لصحته وليس كما زعم ففيه كما قال المناوي وغيره‏:‏ عبد الرحمن بن البيلماني قال المنذري وغيره‏:‏ لا يحتج به وضعفه جمع آخرون‏.‏

4679 - ‏(‏ستكون أحداث وفتن وفرقة واختلاف‏)‏ أي أهل فتن وأهل فرقة وأهل اختلاف أو المراد نفس الفتن والفرقة والاختلاف ‏(‏فإن استطعت أن تكون المقتول لا القاتل فافعل‏)‏ يعني كف يدك عن القتال واستسلم والظاهر أن هذا في فتن تكون بين المسلمين أما الكفار فلا يجوز الاستسلام لهم‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان ‏(‏عن خالد بن عرفطة‏)‏ بن إبراهيم الليثي أو البكري أو القضاعي أو العذري استعمله معاوية على بعض حروبه قال ابن حجر‏:‏ وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف لكنه اعتضد ورواه أيضاً أحمد والحاكم والطبراني وغيرهم قال الهيثمي‏:‏ وفيه علي بن زيد ضعيف وبقية رجاله ثقات‏.‏

4680 - ‏(‏ستكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم يحدثونكم فيكذبونكم ويعملون فيسيئون العمل لا يرضون منكم حتى تحسنوا قبيحهم فأعطوهم الحق ما رضوا به فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد‏)‏ خاطب المؤمنين بذلك ليوطنوا أنفسهم ‏[‏ص 102‏]‏ على احتمال ما سيلقون من الأذى والشدائد والصبر عليها حتى إذا لقوها لقوها وهم مستعدون فلا يرهقهم ما يرهق من تصيبه الشدة بغتة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي سلالة‏)‏ الأسلمي أو السلمي قال الذهبي في الصحابة‏:‏ له حديث ضعيف في الخروج على الظلمة علقه البخاري في تاريخه اهـ‏.‏ والحديث المشار إليه هو هذا وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني‏:‏ فيه عاصم بن عبيد اللّه وهو ضعيف‏.‏

4681 - ‏(‏ستكون معادن‏)‏ جمع معدن وهو الجوهر المستخرج من مكان خلقه اللّه فيه ويسمى به مكانه أيضاً ‏(‏يحضرها شرار الناس‏)‏ أي فاتركوها ولا تقربوها لما يلزم على حضورها والتزاحم عليها من الفتن المؤدي ذلك إلى الهرج والقتل وفي رواية بدل يحضرها إلخ وسيكون فيها شر خلق اللّه‏.‏

- ‏(‏حم عن رجل من بني سليم‏)‏ ورواه الخطيب عن ابن عمر أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بقطعة من ذهب كانت أول صدقة جاءته من معدن فقال‏:‏ ما هذه فقالوا‏:‏ صدقة من معدن كذا فذكره قال الهيثمي‏:‏ فيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

4682 - ‏(‏ستهاجرون إلى الشام ويفتح لكم‏)‏ الظاهر أن أصله تفتح لكم وتهاجرون إليها ففيه تقديم وتأخير ‏(‏ويكون فيكم داء كالدمل‏)‏ معروف عربي جمعه دمامل ‏(‏أو كالحزة‏)‏ بضم الحاء وفتح الزاي المشددة والحز القطع وفي النهاية حزه قطعه ‏(‏يأخذ بمراق الرجل‏)‏ بشد القاف ما يسفل من البطن فما تحته من المحال التي يرق جلدها لا واحد لها ‏(‏يستشهد اللّه به أنفسهم‏)‏ أي يقتلهم بوخز الجن ‏(‏ويزكي به أعمالهم‏)‏ أي ينميها أو يطهرها من العوارض الخبيثة‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث إسماعيل بن عبد اللّه ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل قال الهيثمي‏:‏ إسماعيل لم يدرك معاذاً رمز المصنف لصحته‏.‏

4683 - ‏(‏سجدتا السهو في الصلاة تجزيان من كل زيادة ونقصان‏)‏ كركعة خامسة وسجدة ثالثة فذكرها بعد فراغها أو ترك بعضاً من أبعاضها ‏[‏ وسجود السهو لا يكرر وإن تكرر ما يقتضيه، وسئل من ادعى أن من أمعن النظر في العربية وأراد علماً غيره سهل عليه فقيل له‏:‏ ما تقول فيمن سها في صلاته فسجد للسهو فسها في سجوده هل يسجد‏؟‏ قال‏:‏ لا قيل‏:‏ لم لا يسجد قال‏:‏ لأن التصغير ليس له تصغير وسجدتا السهو تمام الصلاة وليس للتمام تمام فقالوا له‏:‏ أحسنت‏.‏‏]‏ قال القاضي‏:‏ القياس يقتضي أن لا يسجد إذ الأصل أنه لم يزد شيئاً لكن صلاته لا تخلو عن أحد الخللين إما الزيادة وإما أداء الرابعة على تردد فيسجد جبراً للخلل، والتردد لما كان من تلبيس الشيطان وتشويشه كان ترهيباً للشيطان‏.‏

- ‏(‏ع عد هق‏)‏ وكذا الطبراني والديلمي ‏(‏عن عائشة‏)‏ ثم قال البيهقي‏:‏ تفرد به حكيم بن نافع الرقي وكان ابن معين يوثقه اهـ وتعقبه الذهبي بأن أبا زرعة قال‏:‏ ليس بشيء‏.‏

4684 - ‏(‏سجدتا السهو بعد التسليم وفيهما تشهد وسلام‏)‏ فيه دليل لأبي حنيفة والثوري أن الساهي إنما يسجد بعد التسليم وقال الشافعي‏:‏ إنما يسجد قبله وقال مالك‏:‏ إن كان لنقص قدّم وإلا أخر توفيقاً بين الأخبار وردّ بأنه كان آخر الأمرين من فعله صلى اللّه عليه وسلم أنه يسجد قبله فالجمع متعذر فإن قوله كان آخر الأمرين ناسخ بما قبله وجاز أن يكون نسيه ثم ذكره بعد السلام والجمع فيما إذا كان الحديثان ثابتا المدلول وليس كما ذكر ولأنه أنسب للعلقة والقرب واقتفى أحمد موارد الحديث وفصل بحسبها فقال‏:‏ إن شك في عدد الركعات قدم وإن ترك شيئاً ثم تدارك أخر وكذا إن فعل ما لا نقل فيه قال القاضي‏:‏ وأصحابنا الشافعية ذهبوا إلى أن التقديم كان في أول الإسلام فنسخ قال الزهري‏:‏ كل فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أن تقديم السجود على السلام كان آخر الأمرين ثم بسطه‏.‏

- ‏(‏فر عن أبي هريرة وابن مسعود‏)‏ وفيه ‏[‏ص 103‏]‏ يحيى بن العلاء قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ وقال أحمد كذاب يضع الحديث ويحيى بن أكتم القاضي أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ صدوق وقال الأزدي‏:‏ يتكلمون فيه وقال ابن الجنيد‏:‏ لا يشكون أنه يسرق الحديث‏.‏

4685 - ‏(‏سحاق النساء زنا بينهن‏)‏ أي في الإثم والحرمة لكن يجب به التعزير لا الحد وما في اللسان من أن علياً أمر في امرأتين وجدتا في لحاف واحد يتساحقان بإحراقهما فأحرقتا بالنار فأثر منكر جداً وبفرض صحته هو مذهب صحابي وبالجملة فقد عده الذهبي وغيره من الكبائر لهذا الحديث وغيره‏.‏

- ‏(‏هب عن وائلة‏)‏ بن الأسقع ولفظ رواية الطبراني السحاق بين النساء زنا بينهن وأما هذا اللفظ فهو لأبي يعلى وكيفما كان قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات لكن أورده الذهبي في الكبائر ولم يعزه لمخرج بل قال‏:‏ يروى ثم قال‏:‏ وهذا إسناد لين‏.‏

4686 - ‏(‏سخافة بالمرء‏)‏ أي نقص في عقله ‏(‏أن يستخدم ضيفه‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ السخف رقة العقل والسخف بفتح السين رقة العيش‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ وفيه دبيس الملائي قال الذهبي‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ ضعيف ورواه البزار أيضاً عن ابن عباس فهو بالعزو إليه كان أولى‏.‏

4687 - ‏(‏سددوا‏)‏ اقتصدوا في الأمور وتجنبوا الإفراط والتفريط فلا تترهبوا فتنام نفوسكم وينتحل معاشكم ولا تنهمكوا في أمر الدنيا فتعرضوا عن الطاعة رأساً ‏(‏وقاربوا‏)‏ تقربوا إلى اللّه بالمواظبة على الطاعات مع الاقتصاد فاعبدوه طرفي النهار وزلفاً من الليل، شبه العبادة في هذه الأوقات من حيث أنها توجه إلى مقصد وسعي للوصول إليه بالسلوك والسير وقطع المسافة في هذه الأوقات‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص رمز المصنف لصحته وليس بصواب فقد قال الهيثمي‏:‏ فيه سلام الطويل وهو مجمع على ضعفه‏.‏

4688 - ‏(‏سددوا‏)‏ أي اقصدوا السداد أي الصواب أو بالغوا في التصويب من سدد الرجل إذا صار ذا سداد وسد في رميته إذا بالغ في تصويبها وإصابتها ‏(‏وقاربوا‏)‏ أي لا تغلوا والمقاربة القصد في الأمور التي لا غلو فيها ولا تقصير ‏(‏وأبشروا‏)‏ بالثواب الجزيل ‏(‏واعلموا أنه لن يدخل‏)‏ بكسر الخاء ‏(‏أحدكم‏)‏ أيها المؤمنون ‏(‏الجنة عمله‏)‏ بل فضل اللّه ورحمته قال القاضي‏:‏ أراد بيان أن النجاة من العذاب والفوز بالثواب بفضل اللّه ورحمته والعمل غير مؤثر فيهما على سبيل الإيجاب والاقتضاء بل غايته أنه يعد العامل لأن يتفضل عليه ويقرب إليه الرحمة كما قال تعالى ‏{‏إن رحمة اللّه قريب من المحسنين‏}‏ وليس المراد توهين العمل ونفيه بل توقيف العباد على أن العمل إنما يتم بفضل اللّه وبرحمته لئلا يتكلوا على أعمالهم اغتراراً بها ولا يعارضه ‏{‏ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون‏}‏ لأن الحديث في الدخول والآية في حصول المنازل فيها وقال الكرماني‏:‏ الباء في بما كنتم ليست سببية بل للملابسة أي أورثتموها ملابسة لأعمالكم أي لثواب أعمالكم أو للمقابلة نحو أعطيته الشاة بدرهم أو المراد جنة خاصة بتلك الخاصية الرفيعة العالية بسبب الأعمال وأما أصل الدخول فبالرحمة لا بالعمل قال‏:‏ وجواب النووي بأن دخول الجنة بسبب العمل والعمل بالرحمة فيرد بأن المقدمة الأولى خلاف صريح الحديث فلا يلتفت إليها ‏(‏ولا أنا‏)‏ عدل عن مقتضى الظاهر وهو ولا إياي انتقالاً عن ‏[‏ص 104‏]‏ الجملة الفعلية إلى الجملة الاسمية فتقديره ولا أنت ممن ينجيه عمله استبعاداً عن هذه النسبة إليه ‏(‏إلا أن يتغمدني اللّه بمغفرته ورحمته‏)‏ أي ليسترني مأخوذ من غمد السيف في غمده ويجعل رحمته محيطة بي إحاطة الغلاف بما يحفظ فيه ذكره القاضي قال بعض العارفين‏:‏ من قابله بأفعاله قابله بعدله ومن قابله بإفلاسه قابله بفضله قال الرافعي‏:‏ فيه أنه لا ينبغي لعامل أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات لأنه إنما عمل بتوفيق اللّه وإنما ترك المعصية لعظمة اللّه فكل ذلك بفضله ورحمته‏.‏

تنبيه‏:‏ أخرج الحكيم الترمذي عن جابر قال‏:‏ خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ خرج من عندي جبريل آنفاً فقال‏:‏ يا محمد إن للّه عبداً عبد اللّه خمس مئة سنة على رأس جبل والبحر محيط به وأخرج له عيناً عذبة بعرض الأصبع تفيض بماء عذب وشجرة رمان نخرج كل ليلة رمانة فيتغذى بها فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء ثم قام لصلاته فسأل ربه أن يقبضه ساجداً وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلاً حتى يبعث ساجداً ففعل فنحن نمرّ به إذا هبطنا وإذا عرجنا وأنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي اللّه فيقول‏:‏ أدخلوه الجنة برحمتي فيقول‏:‏ بل بعملي يا رب فيقول للملائكة‏:‏ قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله فتوزن فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمس مئة سنة وتبقى نعمة الجسد فضلاً عليه فيقول‏:‏ أدخلوه النار فينادي يا رب برحمتك فيقول‏:‏ ردّوه فيوقف بين يديه فيقول‏:‏ من خلقك ولم تك شيئاً فيقول‏:‏ أنت يا رب فيقول‏:‏ أكان ذلك من قبلك أم برحمتي فيقول‏:‏ برحمتك فيقول‏:‏ أدخلوه الجنة برحمتي فهذا الذي ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في هذا الحديث وإنما ينجيه يوم القيامة برحمته وهل خرجت الأعمال من الأركان إلا بتوفيقه وهل كان له التوفيق إلا برحمته ‏.‏

فائدة‏:‏ قال الغزالي‏:‏ اجتمع ابن واسع وابن دينار فقال ابن دينار‏:‏ إما طاعة اللّه أو النار فقال ابن واسع‏:‏ إما رحمة اللّه أو النار فقال ابن دينار‏:‏ ما أحوجني إلى معلم مثلك وقال البسطامي‏:‏ كابدت العبادة ثلاثين سنة فسمعت قائلاً يقول‏:‏ يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادة إن أردت الوصول إليه فعليك بالذلة والافتقار ‏(‏تتمة‏)‏ قال ابن عطاء اللّه‏:‏ من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل ولا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك وافرح بها لأنها برزت من اللّه ‏{‏قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم ق عن عائشة‏)‏‏.‏

4689 - ‏(‏سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن‏)‏ هيبته وجماله لأن السرعة تتعب فتغير اللون والهيئة‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي هريرة‏)‏ وفيه محمد بن عبد اللّه الأصمعي قال الخطيب‏:‏ لم أر له ذكراً إلا في هذا الحديث قال في الميزان‏:‏ وهو حديث منكر جداً رواه محمد بن يعقوب عنه عن أبيه عن أبي معشر عن المقبري عن أبي هريرة قال‏:‏ وهذا غير صحيح انتهى وأعله ابن حبان بأبي معشر وقال‏:‏ اختلط أخراً وكثرت المناكير في روايته فبطل الاحتجاج به ‏(‏خط في الجامع‏)‏ وكذا ابن عدي في الكامل ‏(‏فر‏)‏ من حديث الوليد بن سلمة عن عمر عن محمد بن صهبان هذا وقال‏:‏ غالب أحاديثه مناكير وبالوليد بن سلمة وقال‏:‏ عامة حديثه غير محفوظ ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏ابن النجار عن ابن عباس‏)‏‏.‏

4690 - ‏(‏سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن‏)‏‏[‏ وفي نسخة ببهاء وجهه‏.‏‏]‏ أي حسن هيئته قال السخاوي‏:‏ هذا وما قبله ما لم يخش من بطء السير تفويت أمر ديني‏.‏

- ‏(‏أبو القاسم بن بشر في أماليه عن أنس‏)‏ ورواه أبو نعيم والديلمي من حديث ابن عمر‏.‏‏[‏ص 105‏]‏

4691 - ‏(‏سطع نور في الجنة فقيل ما هذا‏)‏ أي قال بعض أهل الجنة لبعض أو الملائكة كذلك ‏(‏فإذا هو‏)‏ أي ففحصوا عنه فإذا هو ‏(‏من ثغر حوراء ضحكت في وجه زوجها‏)‏ هذا السطوع وهذا الضحك يحتمل أن يكون باعتبار الأول وعبر عنه بالماضي لتحقق الوقوع فإن أزواجهن لا يجتمعون بهن إلا بعد فصل القضاء ودخول أهل الجنة الجنة ويحتمل إرادة الاجتماع الروحاني الآتي ويمكن أن المراد به التمثيل للإشعار بتضاعف أنوار تلك الدار فأدنى المتوهم من المشاهد محاولة لكشف المعنى ورفع الحجاب عما أعلمه للمؤمنين في دار الثواب وأن ما أعد اللّه لأهل الإيمان في الجنان فوق ما يبصر العيان ‏(‏نكتة‏)‏ قال الغزالي‏:‏ إن أصحاب الثوري كلموه فيما كانوا يرون من خوفه ورثاثة حاله فقالوا‏:‏ يا أستاذ لو نقصت من هذا الجهد نلت مرادك فقال‏:‏ كيف لا أجهد وقد بلغني أن أهل الجنة يتجلى لهم نور تضيء له الجنان الثمانية فيظنونه نور وجه الرب سبحانه وتعالى فيخرون ساجدين فينادون ارفعوا ليس الذي تظنون إنما هو نور جارية ابتسمت في وجه زوجها ثم أنشأ يقول‏:‏

ما ضر من كانت الفردوس مسكنه * ماذا تحمل من بأس وإقتار

تراه يمشي كئيباً خائفاً وجلاً * إلى المساجد يسعى بين أطمار

- ‏(‏الحاكم في‏)‏ كتاب ‏(‏الكنى خط‏)‏ في ترجمة عيسى بن يوسف الطباع ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وفيه حلس بن محمد قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ مجهول قال في الميزان‏:‏ إن الحديث باطل‏.‏

4692 - ‏(‏سعادة لابن آدم ثلاث‏)‏ من الأشياء أي حصولها له ‏(‏وشقاوة‏)‏ وفي رواية وشقوة ‏(‏لابن آدم ثلاث‏)‏ كذلك ‏(‏فمن سعادة ابن آدم الزوجة الصالحة‏)‏ أي المسلمة الدينة العفيفة التي تعفه ‏(‏والمركب الصالح‏)‏ أي السريع غير النفور ولا الشرود ولا الحرون ونحو ذلك ‏(‏والمسكن الواسع‏)‏ بالنسبة للإنسان وذلك يختلف باختلاف الناس ‏(‏وشقوة لابن آدم ثلاث المسكن السوء‏)‏ في رواية بدله الضيق ‏(‏والمرأة السوء والمركب السوء‏)‏ وهذه من سعادة الدنيا لا سعادة الدين والسعادة مطلقة ومقيدة فالمطلقة السعادة في الدارين والمقيدة ما قيدت به فإنه ذكر أشياء متعددة فكان من رزق الصلاح في الثلاث المذكورة طاب عيشه وتهنى ببقائه وتم رفقه بها لأن هذه الأمور من مرافق الأبدان ومتاع الدنيا وقد يكون سعيداً في الدنيا ولا يرزق هذه الأشياء والمراد بالشقاوة هنا التعب على وزان ‏{‏فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏}‏ ومن ابتلي بمسكن سوء وامرأة سوء تعب لا محالة وقد يكون السعداء مبتلين بداء التعب والأولياء مرادون بالبلاء وقد كانت امرأتا نوح ولوط في غاية الشقاء وهما في غاية السعادة وامرأة فرعون أسعد أهل زمنها وفرعون أشقى الخلق فبان أنه أراد السعادة المقيدة التي هي سعادة الدنيا لا السعادة المطلقة العامة‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص رمز المصنف لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأشهر من الطيالسي وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه وليس كذلك بل رواه الحاكم في المستدرك باللفظ المزبور عن سعد المذكور وقال‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وعليه اعتمد المصنف في الرمز لصحته‏.‏

4693 - ‏(‏سفر المرأة مع عبدها ضيعة‏)‏ قال في الكشاف‏:‏ لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها خصياً أو فحلاً اهـ‏.‏ وعند الشافعية ‏[‏ص 106‏]‏ أن المسموح الثقة ليس كالأجنبي بل له نظرها والخلوة بها وعلم منه أن المرأة لو لم تجد من يخرج معها للحج من زوج أو محرم أو نسوة ثقات لا يلزمها الخروج مع عبدها نعم إن كان ثقة وهي ثقة أيضاً وجب‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏طس عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي أخذاً من الميزان‏:‏ وفيه بزيع بن عبد الرحمن ضعفه أبو حاتم وبقية رجاله ثقات وفي اللسان بزيع هذا ذكره ابن حبان في الثقات وقال الأزدي‏:‏ منكر الحديث‏.‏

4694 - ‏(‏سل ربك العافية‏)‏ أي السلامة من المكاره الإعفاء خرجت مخرج الطاغية ‏(‏والمعافاة من‏)‏ مصدر من قولك عافاك اللّه معافاة ‏(‏في الدنيا والآخرة فإذا أعطيت الباقية في الدنيا وأعطيتها في الآخرة فقد أفلحت‏)‏ أي فزت وظفرت قالوا‏:‏ هذا السؤال متضمن للعفو عن الماضي والآتي فالعافية في الحال والمعافاة في الاستقبال فهو طلب دوام العافية واستمرارها قال ابن القيم‏:‏ ما سئل اللّه شيئاً أحب إليه من العافية كما في مسند أحمد عن أبي هريرة وقال بعض العارفين‏:‏ أكثروا من سؤال العافية فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه لا يأمن ما هو أشد منه ورأى بعضهم في يد ابن واسع قرحة فتوجع فقال له‏:‏ هذه من نعم اللّه حيث لم يجعلها في حدقتي‏.‏

- ‏(‏ن ه عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

4695 - ‏(‏سل اللّه العفو‏)‏ أي الفضل والنماء من عفو الشيء وهو كثرته ونماؤه ومنه ‏{‏حتى عَفَوا‏}‏ أي كثروا، كذا ذكره الإمام ابن جرير، لكن المتبادر أن المراد هنا ترك المؤاخذة بالذنب ‏(‏والعافية في الدنيا والآخرة‏)‏ فإن ذلك يتضمن إزالة الشرور الماضية والآتية قال الحكيم‏:‏ هذا من جر مع التكلم إذ ليس شيء مما يعمل للآخرة يتقبل إلا باليقين وليس شيء من أمر الدنيا يهنأ به صاحبه إلا مع الأمن والصحة وفراغ القلب فجمع أمر الآخرة كله في كلمة وأمر الدنيا كله في كلمة ومن ثم قيل‏:‏

لو أنني أعطيت سؤلي لما * سألت إلا العفو والعافية

فكم فتى قد بات في نعمة * فسل منها الليلة الثانية

تنبيه‏:‏ قال الصوفية‏:‏ العارف إذا كمل في مقام العرفان يصير يتأثر من قرصة برغوث ويسأل العافية منها ولا يتجلد لها لشهوده ضعفه وعجزه بخلاف المريد فإنه من شدة ادعائه القوة يريد أن يقاوم القهر الإلهي وذلك سوء أدب ثم آخر الأمر يظهر عجزه ويسأل العافية‏.‏

- ‏(‏تخ عن عبد اللّه بن جعفر‏)‏ جاءه رجل فقال‏:‏ مرني بدعوات ينفعني اللّه بهن قال‏:‏ نعم سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسأله رجل عما سألتني عنه فذكره‏.‏

4996 - ‏(‏سلمان منا أهل البيت‏)‏ بالنصب على الاختصاص عند سيبوية والجر على البدل من الضمير عند الأخفش قال‏:‏ والمضمر يحتمل أن يراد به المتكلم فقط وأن يراد أن المتكلم وجماعة يعني الصحابة وأهل البيت فلما تعدد الاحتمال وجب البيان بالإبدال والنبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم داخل في أهل البيت دخولاً أولياً أنفسهم وفيه والمراد أهل بيت النبوة قال الراغب‏:‏ نبه به على أن مولى القوم يصح نسبته إليهم كما قال مولى القوم منهم وابنه من دلالة على أن سلمان قد طهره اللّه فإن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم عبد محض طهره اللّه وأهل بيته تطهيراً وأذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم فلا يضاف إليهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس فهذه شهادة منه لسلمان بالطهارة والحفظ الإلهي وإذا كانت العناية الربانية تحصل بمجرد الإضافة فما ظنك بأهل البيت في أنفسهم فهم المطهرون بل هم عين الطهارة ذكره ابن العربي وسببه كما في المستدرك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خط الخندق عام الأحزاب ‏[‏ص 107‏]‏ حتى بلغ المذاحج فقطع لكل عشرة أربعين ذراعاً فقالت المهاجرون‏:‏ سلمان منا والأنصار‏:‏ سلمان منا فذكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

- ‏(‏طب ك‏)‏ في المناقب ‏(‏عن عمرو بن عوف‏)‏ جزم الحافظ الذهبي بضعف سنده وقال الهيثمي‏:‏ فيه عند الطبراني كثير بن عبد اللّه المزني ضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات‏.‏

4697 - ‏(‏سلمان‏)‏ الفارسي ‏(‏سابق فارس‏)‏ إلى الإسلام أي هو أولهم إسلاماً وفي حديث آخر أنا سابق ولد آدم وسلمان سابق الفرس وأنشد بعضهم‏:‏

لعمرك ما الإنسان إلا ابن دينه * فلا تشرك التقوى اتكالاً على النسب

فقد رفع الإسلام سلمان فارس * وقد وضع الكفر الحسيب أبا لهب

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات من حديث ابن علية عن يونس ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن عساكر وابن علية فيه كلام مشهور‏.‏

4698 - ‏(‏سلم علىّ ملك ثم قال لي لم أزل أستأذن ربي عزّ وجل في لقائك حتى كان هذا أوان أذن لي وإني أبشرك أنه ليس أحد أكرم على اللّه منك‏)‏ أي حتى الملائكة حتى خواصهم كما يؤذن به العموم وعليه إجماع أهل السنة وردوا ما ذهب إليه الزمخشري من تفضيل روح القدس عليه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن عبد الرحمن بن غنم‏)‏ الأشعري أسلم في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وصحب معاذاً قال‏:‏ كنا جلوساً عند النبي صلى اللّه عليه وسلم ومعنا ناس من أهل المدينة أهل نفاق فإذا سحابة فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ سلم على إلخ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر ليس على ما ينبغي‏.‏

4699 - ‏(‏سلوا اللّه الفردوس‏)‏ أي جنته قيل‏:‏ وأصله البستان بلغة الروم فعرب ‏(‏فإنها سرة ‏[‏‏"‏سرة الجنة‏"‏‏:‏ أي وسطها وجوفها، من ‏"‏سرة‏"‏ الإنسان فإنها في وسطه‏.‏ كما في النهاية في حديث حذيفة‏:‏ لا تنزل سرة البصرة‏.‏ دار الحديث‏]‏ الجنة‏)‏ في رواية فإنه وسط الجنة أي باعتبار أطرافها وجهاتها ‏(‏وإن أهل الفردوس‏)‏ أي سكانه ‏(‏يسمعون أطيط العرش‏)‏ لكونه الطبقة العليا من طبقات الجنان وسقفها عرش الرحمن وهذا كما ترى ردّ على الحليمي في زعمه أن الفردوس اسم يجمع الجنان كلها كجهنم تجمع النيران كلها قال‏:‏ وإنما أمر بسؤال الفردوس لأن الجنان مراتب لا يستوي الناس في استحقاقها فلا ينبغي لأحد أن يتخير إحداها وقد أعد لغيره فيدخل في قوله ‏{‏ولا تتمنوا ما فضل اللّه به بعضكم على بعض‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب ك‏)‏ في التفسير من حديث إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح فرده الذهبي بأن جعفراً هالك وقال الهيثمي‏:‏ فيه عند الطبراني جعفر بن الزبير متروك‏.‏

4700 - ‏(‏سلوا اللّه العفو والعافية‏)‏ أي واحذروا سؤال البلاء وإن كان البلاء نعمة وأما قول بعض الأكابر أودّ أن أكون جسراً على النار يعبر عليّ الخلق فينجون وأكون أنا فيها فذاك لما غلب على قلبه من الحب حتى أسكره إذ من شرب كأس المحبة سكر ومن سكر توسع في الكلام ولو زايله سكره علم أن ما غلب عليه حالة لا حقيقة لها فما تسمعه من هذا فهو كلام العشاق الذين أفرط حبهم وكلامهم يستلذ سماعه ولا يعول عليه ومن ذلك قول سحنون المحب فليس لي في سواك حظ فكيفما شئت فاختبرني فابتلي بحصر البول فصار ‏[‏ص 108‏]‏ يطوف ويقول لأطفال الكتاب‏:‏ ادعوا لعمكم الكذاب ‏(‏حكى‏)‏ أن فاختة راودها ذكرها فمنعته فقال‏:‏ كيف ولو أردت أن أقلب ملك سليمان ظهراً لبطن لأجلك لفعلت فعاتبه سليمان فقال كلام العشاق لا يؤاخذ به ‏(‏فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية‏)‏ أفرد العافية بعد جمعها لأن معنى العفو محو الذنب ومعنى العافية السلامة من الأسقام والبلاء فاستغنى عن ذكر العفو بها لشمولها ذكره القاضي ثم إنه جمع بين عافيتي الدنيا والدين لأن صلاح العبد لا يتم في الدارين إلا بالعفو واليقين فاليقين يدفع عنه عقوبة الآخرة والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه قال ابن جرير‏:‏ فإن قلت هذا الخبر يناقض خبر إذا أحب اللّه عبداً ابتلاه قلت إنما أمر بطلب العافية من كل مكروه يحذره العبد على نفسه ودينه ودنياه والعافية في الدارين السلامة من تبعات الذنوب فمن رزق ذلك فقد برئ من المصائب التي هي عقوبات والعلل التي هي كفارات لأن البلاء لأهل الإيمان عقوبة يمحص بها عنهم في الدنيا ليلقوه مطهرين فإذا عوفي من التبعات وسلم من الذنوب الموجبة للعقوبات سلم من الأوجاع التي هي كفارات لأن الكفارة إنما تكون لمكفر، ذكره ابن جرير‏.‏